إعتقاد الإنسان بأن الحياة ستمر بمرحلتين، الاولى مؤقتة للاختبار والابتلاء، و الثانية أبدية دائمة بعد الموت للحساب و الجزاء، قد تمكنه من السعادة مرتين، أولاهما بنجاحه في الامتحان و في التالية بحصوله على الجائزة، هذا الاعتقاد سيلقي بظلاله وأثره على فكره و سلوكه و حركته و من تم على واقعه .
فخالق الإنسان قد يمتحنه بالخير و الشر، فان أكرمه و بسط له رزقه ، قد يظن أنه أكرمه و أحبه ، و إن ابتلاه بالفقر والحاجة ظن أنه قد اهانه. الربط بين الغنى ومحبة الخالق و كأنه امتياز، و بين الفقر وغضبه و كأنه إهانة، مفهوم خاطئ وغير صحيح .
فالامور لا تجري كما نظن او تحلوا لنا، فلا العطاء إكراما و لا المنع و الفقر عقابا. يختبر الإنسان في ماله وصحته، في اولاده، وأهله و في غير ذلك من مجالات الحياة. و قد ينجح أو يفشل, في رخاء أو شدة.
فامام البلاء قد ينتقل إلى حال الهوان و الضعف. و مع ذلك فقد ينهض به و يقويه، فيشد عوده، و يستنهض همته و يستدرك قوته و يوظف ذلك كله فيما ينفعه، و قد يفشل وإن كان قويا وغنيا و قد تسوقه قوته إلى حد الطغيان، لشعوره بالغرور وظنه بالاستغناء ، فيطغى و يتكبر و يتجبر، فيقع في المحظور، و ينتهي إلى ما لا يحمد عقباه.
مراجعة الذات والتساءل عن مصدر الخطأ واسبابه ، للتصحيح و التصويب، فلا يليق أن نرمي دائما غيرنا بأخطاءنا و نحملهم تبعاتها، فهذا لن يعيننا على تجاوزها، بل من شأنه أن يعمقها و يزيد من تبعاتها السلبية .
لا شك في ان الاخلاص في العمل والصدق مع النفس و مع الاخرين، و الإستقامة والأمانة و غير ذلك من محاسن الاخلاق، تعتبر أهم المواد المدرجة في أسئلة امتحان الحياة ، وفهم أن العطاء ليس بالضرورة اكراما، بل قد يكون ابتلاءا واختبارا، والحرمان ليس بالضرورة عقابا بل قد يكون دواءا وعلاجا، يساعد كثيرا في فهم منطق الإمتحان و تجاوزه بنجاح.
علمتني الحياة أن أتمنى الخير للجميع دون إستثناء
فسعادة الآخرين لن تنقص من سعادتي
وغناهم لن يأخذ من رزقي
وصحتهم لن تسلبني عافيتي
أسأل الخالق العظيم أن يجعلنا من السعداء في الدنيا و الآخرة
نرحب بجميع التعليقات و خاصة المفيدة منها...